Get Even More Visitors To Your Blog, Upgrade To A Business Listing >>

عندما يقول المنسيون في المغرب كفى

http://ift.tt/eA8V8J

الريف رقعة سخط هائل. هذا السخط انبلج منه، في نونبر 2016، ما يسمى بحراك الشباب، وهو تجمع غير تابع لأي حزب أو جمعية. يقود نفسه بنفسه. بعد عام وثلاثة أشهر على انفجار الحراك، يحاكم ويقبع في السجون المغربية نحو 400 ريفي بسبب تلك الاحتجاجات. هذه الأخيرة يبدو أنها تحت السيطرة الآن، رغم أنه من الصعب الحديث عن القضاء عليها بشكل نهائي. إذ بالكاد تنفست السلطات المغربية الصعداء من تراجع الاحتجاجات في الحسيمة حتى اشتعلت الاحتجاجات في مناطق أخرى منسية في المغرب.

تكلفة لقمة العيش

في 15 نونبر الماضي، لقيت 15 مواطنة مصرعهن في مدينة الصويرة بسبب التدافع في سباق قاتل بهدف الحصول على صدقة تبلغ قيمتها 150 درهما تقريبا. هذه المأساة لم تتبعها احتجاجات. وفي 22 دجنبر الماضي، لقي شقيقان مصرعهما في ما يعرف بـ”آبار الموت” بحثا عن الشاربون في مدينة جرادة التي يبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة، تبعد بـ60 كيلومترا عن وجدة، قرب الحدود مع الجزائر. هذا أيقظ لدى الساكنة ضرورة النضال من أجل نزع حق العدالة الاجتماعية. السلطات المغربية على علم بهذا النشاط غير القانوني في المنطقة، لاسيما وأن الصحافة تتحدث عن الوضع المزري الذي تعيشه الساكنة، كما أنها تحدثت عن أباطرة الشاربون الذين يغتنون على حساب معاناة المنجميين وأسرهم. لهذا تطالب الساكنة في الوقت الراهن بتقليص أسعار فاتورة الكهرباء والماء الصالح للشرب التي ترتفع كل سنة فيما يزدادون هم فقرا. ويطالبون الدولة، أيضا، بخلق بدائل اقتصادية وتطبيق القانون في حق بعض السياسيين المحليين الفاسدين.

على الرغم من إشارة الحكومة إلى أنها وضعت مخططا استعجالينا للمنطقة، إلا أن الناس لازالت تخرج إلى الشارع للاحتجاج. العديد من النقابات نظمت إضرابا عاما يوم الجمعة الماضي (19 يناير)، وهو الإضراب الثالث في أقل من شهر. “الآن حصلنا على وعود”، يقول محمد العلوي، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في جرادة.  وعلى ما يبدو، فمحمد لا يثق كثيرا في تلك الوعود، إذ يستدرك قائلا: “وحده عزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادن، زار المنطقة، ليست هناك إجراءات ملموسة فوق الطاولة”.

تندرارة وحلم الهجرة

التوترات لم تقتصر على جرادة والريف، بل وصلت إلى بلدة تندرارة التي تبعد عن الجزائر بـ30 كيلومترا وجرادة بـ140 كيلومترا، بعد أن دهست شاحنة طفلا يبلغ من العمر 11 ربيعا.  ووفقا للجيران، فإن سيارة الإسعاف تأخرت لأكثر من ساعة، مما جعل الساكنة تخرج للاحتجاج ضد تهميش المنطقة والإهمال. يبدو أن الأمور بقيت على حالها منذ سنة 2005، إذ سبق لصحيفة “إلباييس” أن أنجزت روبورطاجا من تندرارة يكشف كيف أن الهجرة تحولت إلى الأمل الواحد والوحيد لشباب المنطقة. ليس هناك منزل في المنطقة لم يخض فيه أحد أبنائه مغامرة الهجرة إلى أوروبا. الكثير من هؤلاء يعيشون في مدينة فالينسيا الإسبانية. وفي المقابل، هناك 7 محتجين حوكموا بـ6 شهور سجنا نافذا.

خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سابقا، وعضو اللجنة الاستشارية لهذه الهيئة، تعتقد أن حراك الريف حرر سكان المناطق المغربية الأخرى من الخوف وحفزها على الاحتجاج من أجل مطالبها المشروعة، قبل أن تستدرك قائلة: “حتى ولو لم يخرج أي أحد في الريف، فالوضع المقلق في هذا المناطق كان سيدفع الناس للخروج إلى الشارع. الناس خرجت رغم القمع العنيف”.

حراك الماء

قبل إخماد احتجاجات الريف، انفجر ما بين غشت وشتنبر من السنة المنصرمة في مدينة زاكورة (30 ألف نسمة) ما أطلق عليه البعض “حراك الماء”. المئات من المواطنين يشتكون من ندرة الماء الصالح للشرب، واحتجوا على التدبير السيء للموارد المائية. هذا كله من أجل مورد أساسي للبقاء على قيد الحياة، وهو الماء، أما الكماليات فهي مؤجلة إلى أجل غير مسمى. السلطات واجهت تلك الاحتجاجات باعتقال 23 شخصا، 8 منهم لازالوا يقبعون خلف القضبان. تؤكد خديجة الرياضي أن السياسة الإقصائية متجذرة في المغرب، وتشرح قائلة: “فقط بعض الأسر التي تنتمي إلى الطبقة النافذة تهيمن على ثروة البلد في ظل اقتصاد قائم على الريع والتعتيم الكلي تقريبا”. وتضرب المثل بميزانية القصر التي لا تناقش، في هذا تقول: “ميزانية القصر ضخمة مقارنة بنظيرتها ببعض الملكيات في البلدان الغنية، علاوة على أن الخوض في هذا الأمر يعتبر من الطابوهات، فحتى النواب الذين يصادقون على هذه الميزانية لا يجرؤون على مناقشتها”.

وتعتقد خديجة الرياضي أن ثورات الربيع الديموقراطي جعلت المغاربة يتغلبون على الخوف، لكن الثورات المضادة جعلتهم يسقطون مرة أخرى في فخ الخوف، إذ توضح قائلة: “ربيع 2011 جعل الناس تنتصر على الخوف وتخرج للاحتجاج، لكن نتائج الثورات التي انجرت إلى الفوضى أعادت الخوف إلى نفوس المغاربة. فالناس لم تعد تصدر عنها ردة فعل إلا عندما يبلغ الفقر والظلم مستويات لا تطاق، أي عندما تتضرر بشكل مباشر من سياسات النهب والخوصصة”.

ديفيد غوري، عالم سياسي فرنسي مرتبط بمركز التحليل المغربي، يعتقد أن الاحتجاجات الأخيرة في المغرب انفجرت في سياقات محلية مختلفة ومن الصعب المقارنة فيما بينها. كما يرى أن هناك من يسعون إلى تسليط الضوء على أشياء مشتركة من أجل الحصول على مكاسب سياسية. ويعتقد، أيضا، أن الاحتجاجات في البلدات المعزولة والفقيرة ظاهرة متجذرة في المغرب.

غير أن المحلل الفرنسي يعتقد أن هناك عناصر مشتركة في هذه الاحتجاجات، في هذا يوضح قائلا: “جميعها تستعمل كلمة الحراك، لأن هذه الكلمة انتشرت انتشار النار في الهشيم بين المحتجين في مناطق أخرى وفي الصحافة. هذا اللفظ إن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك هوة عميقة بين الشباب وممثليهم (المنتخبين)”. أكثر من ذلك، يرى أن الشباب لم يعودوا يثقون لا في الأحزاب ولا في السياسيين المحليين، في هذا يعلق قائلا: “الشباب يرفضون أي ارتباط بالأحزاب السياسية التقليدية والسياسيين المحليين”.

وحذر الباحث الفرنسي من البطالة في المغرب وعدم قدرة سوق الشغل على استيعاب الشباب قائلا: “علاوة على ذلك، فالاحتجاجات تخرج، في الغالب، من المناطق التي تعاني من نقص هائل في فرص الشغل بالقطاع الخاص”.  يعترف أنه في العقدين الأخيرين وضُعت برامج تنموية استطاعت تقليص نسبة الفقر، “لكنها جعلت آمال الشباب ترتفع”. ويضيف أن السلطات المغربية تعلمت الدرس من احتجاجات الحسيمة وأصبحت تتحرك بسرعة لاحتواء أي غضب في المناطق الأخرى. وعاد ليحذر قائلا: “قليلة هي إمكانية تحرك الحكومة والمجالس الترابية للإجابة في المدى القريب عن القضايا العميقة: غياب فرص العمل في القطاع الخاص في المدن المتوسطة والصغيرة وضواحيها”.

عن “إلباييس”


January 27, 2018 at 02:04AM
توفيق السليمانيعندما يقول المنسيون في المغرب كفى alyaoum24 أخبار اليوم على مدار الساعة


This post first appeared on أخبار اليوم, please read the originial post: here

Share the post

عندما يقول المنسيون في المغرب كفى

×

Subscribe to أخبار اليوم

Get updates delivered right to your inbox!

Thank you for your subscription

×