قِيلَ لِأَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِي بن أَبِي طَالِب كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ، وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ فِي بَعْضِ الحُرُوبِ: لَوِ اتَّخَذْتَ الْخَيْلَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: أَنَا لاَ أَفِرُّ عَمَّنْ كَرَّ، وَلاَ أَكُرُّ عَلَى مَنْ فَرَّ، وَالْبَغْلَةُ تَكْفِينِي.
قَالَ الإِمَامُ عَلِي بن أبي طَالِب كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: خَفِ الضَّعِيفَ إِذَا كَانَ تَحْتَ رَايَةِ الإِنْصَافِ أَكْثَرَ مِنْ خَوْفِكَ القَوِيَّ تَحْتَ رَايَةِ الْجَوْرِ، فَإِنَّ النَّصْرَ يَأْتِيهِ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُ، وَجُرْحُهُ لاَ يَنْدَمِلُ، اخْتَرْ أَنْ تَكُونَ مَغْلُوباً وَأَنْتَ مُنْصِفٌ، وَلاَ تَخْتَرْ أَنْ تَكُونَ غَالِباً وَأَنْتَ ظَالِمٌ، زَمَانُ الْجَائِرِ مِنَ السَّلاَطِينِ وَالوُلاَةِ أَقْصَرُ مِنْ زَمَانِ الْعَادِلِ، لأَِنَّ الْجَائِرَ مُفْسِدٌ وَالْعَادِلُ مُصْلِحٌ، وَإِفْسَادُ الشَّيْءِ أَسْرَعُ مِنْ إِصْلاَحِهِ، يَا عَجَباً للِنَّاسِ قَدْ مَكَّنَهُمُ اللهُ مِنَ الاقْتِدَاءِ بِهِ، فَيَدَعُونَ ذَلِكَ إلَى الاقْتِدَاءِ بِالْبَهَائِمِ.