Get Even More Visitors To Your Blog, Upgrade To A Business Listing >>

صديق متقاعد

لن أعتبره تقاعدا. تقاعد؟ لا أراكم الله حالتي، لا راحة ولاكرامة. لقد كنا صديقين وأكثر.
كنت أول من يعلم بكل تفصيل من تفاصيل حياته.. ونكتبه معا. نكتبه قبل أن يستيقظ الجميع، وكنا أحيانا نسهر، ألفت مع التضايق أنفاسه الملوثة بالسجائر والقهوة.. كما ألفت الدوران حين يضع رأسي في المبراة.
كانت حياة جميلة بحق، وباع كل ذلك من أجل صندوق يموت إذا ابتعد عن حفرة للكهرباء. في البداية قلت مع نفسي :
ربح البيع. 
وارتحت للشهور المظلمة في الدرج. لكن المتاعب بدأت حين أزاح حمايتي من مهامه، وذاك ما كانت تحلم به البنت. أخذتني ووضعتني في المحفظة حيث بقايا علب الحلوى وكثير من الأسلاك والذاكرات الرقمية الصدئة.. مكثت -وكنت أعرف أن ذلك محض انتقام- في المحفظة أسابيع، وأخرجتني عند زيارة صديقتها. ويا ليتها ما فعلت.
قالت مخاطبة رفيقتها:
- أخيرا تطور أبي. 
وطرت في الهواء. تأملتني الصديقة، ثم دنت من أذن الابنة وحدثتها حديثا فاجرا عني وضحكتا معا.
فاجر وفهمته.. ضمت بعده كل منهما فخديها بلذة، قبل أن تتخطفني كف البنت وتحك برأسي بين أصابع قدميها.
يقولون تقاعد؟ ويكتبون عني الحكم والأشعار.. وأنني أغلب السيف.
أصابتني بضع نوبات من الرطوبة والعفن، إلى أن بحث عني الخائن من جديد. تأملني
بعد أن أخرجني من محفظتها. ثم تصوروا؟؟
لم نكتب حرفا. كنا نتجول، نجلس في المكتب ونجلس في المقهى.. يقدمني لأصدقائه
لإغاثتتهم. إلى أن جاء يوم الاهانة. 
لا أصدق. ولكني رأيت وطرت في الهواء من جديد داخل المقهى. تلقفني النادل وكدت
أسقط لولا ركبته. ارتفعت وتصوروا الاهانة من فضلكم! ثم السقوط.
وصفق رواد المقهى عندما ركلني النادل بحذائه قبل أن يتمكن مني، ويسجل رقم
شخص.
كان يوما متعبا جدا مليئا ليله بكوابيس النجارين والأرضة.. استيقظت منه على آلام
لا تطاق، يكاد يختلط فيها رأسي الرصاصي بالخشب. 
يقظة؟ حلم؟ واقع؟ أسنان ووجه طفل. آخ إنه الطفل.
- إخ إخ إخ.
رددت الأم وهي تجري نحوه. وخاطبت الخائن:
إلى متى سنحتفظ بهذا ال..
  


This post first appeared on مدونة أكتب, please read the originial post: here

Share the post

صديق متقاعد

×

Subscribe to مدونة أكتب

Get updates delivered right to your inbox!

Thank you for your subscription

×