Get Even More Visitors To Your Blog, Upgrade To A Business Listing >>

مصرع السلطان العثماني عبد العزيز الأول إغتيالا و ليس إنتحارا



السلطان عبد العزيز الاول

عبد العزيز الأول (1830 - 1876) ابن السلطان محمود الثاني. هو خليفة المسلمين الرابع بعد المائة وسلطان العثمانيين الثاني والثلاثين والرابع والعشرين من آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة.

استوى على تخت المُلك بعد وفاة شقيقه عبد المجيد الأول في 25 يونيو 1861، ومكث في السلطة خمس عشرة عامًا حتى خلعه وزراؤه وسائر رجال الدولة في آخر مايو 1876  وتوفي بعدها بأربعة أيام وقيل انتحر وقيل أيضًا قد قتل.

امتاز عهده بغنى الدولة بالرجال وبكثير من الإصلاحات التي تمت على يد صدريه محمد أمين عالي باشا وفؤاد باشا، الذين كسبا شهرة في التاريخ العثماني، ولم تبدأ مشاكل السلطنة بالتفاقم -والذي توّج بإعلان إفلاس الدولة عام 1875 - إلا بعد وفاتهما؛ كما أنه السلطان العثماني الوحيد الذي قام بزيارات خارجية سياسية إلى مصر وإلى كلٍ من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ولم يشهد عهده أي حروب خارجية للدولة.

بعد خلعه افتتح عبد العزيز قائمة سلاطين مخلوعين، فجميع خلفائه: مراد الخامس وعبد الحميد الثاني ومحمد السادس وعبد المجيد الثاني لم يبرحوا في العرش حتى وفاتهم بل تنازلوا طوعًا أو كرهًا ( ماعدا محمد الخامس)، وقد قيل أن الدولة العثمانية كانت تسير نحو نهايتها حتى عهد عبد العزيز بسرعة عربة يجرها حصانان، وبعد عبد العزيز بسرعة قطار بخاري.

حياته المبكرة وتوليه الحكم

ولد عبد العزيز في 9 فبراير 1830 وقيل 18 فبراير  ابنًا ثانيًا للسلطان محمود الثاني والسلطانة برتونيال؛ بعد وفاة والده محمود الثاني أصبح شقيقه الأكبر عبد المجيد سلطانًا في السابعة عشر من عمره، حينها كان عبد العزيز لم يتجاوز العاشرة. تزوج للمرة الأولى عام 1856 من الجورجية دورونيف قادين وأنجب منها ثلاثة أولاد على رأسهم يوسف عز الدين ولي عهد الدولة العثمانية خلال حكم محمد الخامس؛ وبعد توليه شؤون السلطنة تزوج للمرة الثانية في ديسمبر 1861 من آيداديل قادين ولم ينجب منها سوى طفل واحد؛ وبعد زواجه الثاني بخمس سنوات تزوج عام 1866 السلطانة حيرانة وأنجب منها طفلان وفي عام 1868 تزوج للمرة الرابعة السلطانة نسرين وأنجب منها ثلاثة أطفال، ثم في يوليو 1872 تزوج للمرة الخامسة من نيفين قادين أفندي وأنجب منها طفلًا واحدًا أيضًا، وأخيرًا تزوج السلطانة صافيناز وأنجب منها ثلاثة أطفال، وقد تزوجت صافيناز بعد وفاته السلطان عبد الحميد الثاني، وساق لها المؤرخون دورًا في سياسة الدولة خلال عهديهما.

في 7 يونيو 1861 توجه في الموكب الملكي إلى ضريح أبو أيوب الأنصاري، وهناك تقلد السيف السلطاني وفق العادة المتوارثة مذ أن فتح العثمانيون القسطنطينية، ومنه سار لزيارة قبر السلطان محمد الثاني فاتح إسطنبول ثم قبر والده السلطان محمود الثاني، وكانت أولى فرماناته بإقرار الصدر الأعظم محمد أمين عالي باشا في مكانه، ثم استحدث وسامًا خاصًا أسماه "الوسام العثماني" يمنح لمن قدّم خدمات جليلة للدولة، وقدم وسامه في المرتبة على الوسام المجيدي الذي استحدثه أخوه.

الثورات والقلاقل الأمنية

على عكس سلفيه محمود الثاني وعبد المجيد الأول وخلفيه مراد الخامس وعبد الحميد الثاني، لم تشهد الدولة العثمانية خلال عهد السلطان عبد العزيز حروبًا خارجية، ولعلّ معاهدة باريس المبرمة عام 1856 ضبطت إيقاع السياسة الخارجية لأوروبا وجنبتها حروبًا جديدة. كذلك فلم تشهد سلطنته فقدانًا لأراضي الدولة وتقلصًا في مساحتها، كما حصل في سائر عهود عصر انحلال الدولة، بل استطاع عبد العزيز الحفاظ على أملاك دولته، أما المناطق التي شهدت ثورات، فقد استطاعت الدولة العثمانية التعامل معها بالحزم والسياسة بحيث لم تؤد لفقدان أملاك وأراض.

ثورة الجبل الأسود

منذ أن فتح العثمانيون الجبل الأسود الذي يقع إلى الشمال من ألبانيا لم يتمكنوا من فرض سيطرتهم سوى على المدن الكبرى فيه أما الجبال والقرى المحيطة ظلت شبه مستقلة وذات إدارة محلية بسبب وعورة المسالك وصعوبة المفارز، وكان الجبل قد أعلن عام 1853 ثورة ضد الباب العالي تمكن القائد العثماني عمر باشا من سحقها، وفي أعقاب حرب القرم ومؤتمر باريس لعام 1856 طالب حاكم الجبل المحلي الأمير دانييل الاعتراف باستقلال الجبل فلم يلق ذلك قبولاً لدى الدول الأوروبية التي نصحته بعقد سلام مع الدولة العثمانية والاعتراف بسيادتها مقابل منحه رتبة مشير مع مبلغ سنوي من المال وتوسيع حدود دولته لتشمل أجزاءً من الهرسك أيضًا، فقبل الأمير بعرض أوروبا.

في عام 1860 توفي الأمير دانييل وآل الحكم لابن أخيه الأمير نيكولا الذي شجع حركات ثورية ضد الباب العالي في الهرسك وكذلك في الجبل الأسود وأخذ يجمع جيوشًا لإعلان التمرد، فأغار عمر باشا على أراضي الجبل وحاصرها من ثلاث جهات، ثم دخلت قواته الإمارة واضطر الأمير نيكولا إلى توقيع اتفاق استسلام في 30 أغسطس 1862، التي نصّت على بقاء نيكولا حاكمًا للجبل شرط السماح للعثمانيين بناء ما يحلو لهم من حصون لتأمين وضمان السيادة داخل أراضي الإمارة، لاحقًا سعت الإمبراطورية الروسية وفرنسا لدى الباب العالي للتنازل عن حق بناء الحصون والقلاع داخل أراضي الإمارة، فقبل السلطان عبد العزيز بذلك وأصدر فرمانًا في 2 مارس 1864، انسحب بموجبه الجيش العثماني وهدم القلاع التي كان قد شرع في استحداثها، وأنهى انسحابه في يونيو 1864.

ثورة الصرب

فتح العثمانيون بلاد الصرب عام 1389 وظلوا يحكمونها حكمًا مباشرًا حتى سنة 1815، ثم أبرم عام 1830 اتفاق يقضي بتحويلها لإمارة مستقلة تحت سيادة الباب العالي، ثم جاءت معاهدة باريس في 30 مارس 1856 بعد حرب القرم لتنظم العلاقة بشكل أكبر، فنصت أنه من حق الدولة العثمانية أن يكون لها في بلاد الصرب ست قلاع بما فيها قلعة بلغراد عاصمة الإمارة، وفي أعقاب اندلاع ثورة الجبل الأسود حشد العثمانيون جيشًا شعبيًا غير مدرب تدريبًا جيدًا، بهدف ضبط الأمن في صربيا؛ ولكونه جيشًا غير مدرب فقد وقعت عدة مشاجرات بين أهالي الصرب و"الجيش الشعبي" تحولت إلى مواجهات دامية، بلغت ذروتها بعد مقتل جندي عثماني في 10 يونيو 1862، وما تبعه من قصف لبلغراد بالمدفعية لمدة أربع ساعات متواليات.

تدخل قناصل الدول لإيقاف القصف، ثم وبنتيجة المشاورات اللاحقة بين القناصل والسلطان عبد العزيز، قبل السلطان عبد العزيز بتخفيض عدد القلاع من ستة إلى أربعة مع احتفاظه بقلعة بلغراد، وتعهد أيضًا بعدم السماح للقواد العثمانيين بالتدخل في الشؤون الداخلية للإدارة مطلقًا وأصدر فرمانًا بذلك في 6 سبتمبر 1862.

غير أن اندلاع ثورة كريت وأحوال خزينة الدولة الناضبة مع ضغوط الدول الأوروبية، انتهت في مارس 1867 بقبول السلطان عبد العزيز لاتفاق جديد يقضي بتخلي الدولة عن القلاع الأربعة في بلاد الصرب وانجلاء كافة القوات العثمانية عنها، وبذلك لم يبقَ سوى لقب "ملك" على أمير الصرب، يفصلها عن الاستقلال الكامل في أعقاب هذا الفرمان.

ثورة كريت

ثورة جزيرة كريت اندلعت أواخر 1866 لرغبة أهالي الجزيرة وهم في الغالب من اليونان الأرثوذكس الانضمام إلى مملكة اليونان، وقد حاولت المملكة المذكورة دعم الثائرين، إلا أن هذا الدعم ظل محدودًا في إطار تقاعس الدول الأوروبية عن الموافقة على سلخ الجزيرة من أملاك الدولة العثمانية.

أرسل السلطان موفدًا شخصيًا إلى سكان الجزيرة اسمه كريدلي محمد باشا إلا أنه فشل في مهمة تقريب وجهات النظر بين الدولة والثوار، وفي أعقاب استقالة محمد رشدي باشا من الصدارة العظمى وإسنادها إلى محمد أمين عالي باشا في 11 فبراير 1867، أنهت الدولة مهام كريدلي باشا وأرسلت عوضًا عنه جيشًا كبيرًا بقيادة عمر باشا، الذي سطع نجمه في حرب القرم، كما أرسل الخديوي إسماعيل بناءً على طلب السلطان عبد العزيز جيشًا ليساعد في قمع التمرد، فقمع الجيشان المحتجين وأخمدا ثورتهم.

بعد الحسم العسكري، أرسل السلطان صدره الأعظم عالي باشا شخصيًا كمندوب سياسي عنه في 14 أكتوبر 1867، وسعى إلى تهدئة خاطر الأعيان بمنحهم رتبًا ونياشين، وبعد أن استتب الأمن أوائل عام 1868 قفل عائدًا إلى إسطنبول. وبنتيجة هذه الثورة انعقد في عام 1869 مؤتمر خاص في باريس للدول الموقعة على اتفاق العام 1856 للتباحث بوضع الجزيرة، وبنتيجة المؤتمر أصدر السلطان في 19 سبتمبر 1869، فرمانًا يقضي بمنح الجزيرة امتيازات تجارية وإعفاءً من الضرائب لمدة سنتين، وإعفاءً من الخدمة العسكرية.


عبد العزيز الأول أثناء رحلة سفر إلى أوروبا عام 1867

حادثة سالونيك

في 5 مايو 1876 وصلت إلى سالونيك فتاة بلغارية أعتنقت الدين الإسلامي ،فلما بلغ الأمر مسيحيي المدينة قبضوا عليها وحاول بعض المسلمين استراجعها ففشلوا، وتحول الأمر إلى فوضى طائفية، اغتيل خلالها قنصلا فرنسا وألمانيا.

غضبت أوروبا لمقتل قنصليها ورست سفن الأسطول الفرنسي قبالة سالونيك، وأمن الجند الألمان موكب جنازة حافل للقنصلين، ثم عقد وزراء خارجية روسيا والنمسا وألمانيا اجتماعًا في برلين وأصدروا بيانًا صدقت عليه فرنسا وإيطاليا، طالب خلاله المجتمعون بتعيين مجلس دولي لمراقبة تنفيذ فرمان سلطاني كان عبد العزيز قد أصدره في 12 ديسمبر 1875، ينصّ إلى إصلاح أحوال مسيحيي الدولة، وطالب البيان أيضًا باستكمال تنفيذ الفرمان خلال مدة لا تتجاوز الشهرين، وإلا فإن الدول التي أصدرت البيان ستضطر لاستعمال القوة بهدف تنفيذ أحكام الفرمان السلطاني.

لم يقبل السلطان بهذا البيان واعتبره مجحفًا بحقوق دولته، ولعلمه أيضًا بوجود خلافات بين دول أوروبا حول الحرب وعدم تصديق إنكلترا على البيان، كما أنه قام بإعدام عدد من المسلمين بعد محاكمتهم بتهمة القتل العمد.

احتجاجات طلاب المعاهد الشرعية في الآستانة

في أواخر أبريل 1876 خرجت مظاهرة حاشدة مؤلفة من طلبة العلوم الدينية ورجال الدين والمشايخ بعد أن تجمعت أمام جامع السلطان محمد الفاتح، وسارت زاحفة نحو مبنى وزارة الحربية ثم نحو الباب العالي نفسه، منادية بإسقاط الصدر الأعظم محمود نديم باشا وشيخ الإسلام حسن فهمي أفندي، وفشل رجال الشرطة في تفريق المتظاهرين لعدم علمهم المسبق بالتظاهرة، كما فشلوا في منعهم من الوصول إلى مبنى الباب العالي حيث يقيم السلطان شخصيًا.

أما محمود نديم باشا وحسن فهمي أفندي فقد تورايا عن الأنظار ثم غادرا إسطنبول خوفًا من الشعب الهائج.

قرر المتظاهرون الاعتصام أمام الباب العالي حتى تحقيق مطالبهم، وفي مساء ذلك اليوم عقد السلطان اجتماعًا شارك فيه والدته مع وزير الخارجية ومحافظ إسطنبول، وقاضي عسكر الروم إيلي واثنين من كبار علماء الشريعة للبحث في قضية المتظاهرين.

أشارت والدة السلطان باستعمال القوة ضد المتظاهرين، وبضرورة إغلاق المعاهد الدينية وطرد طلابها خارج المدينة مع رفض قاطع لمطالبهم، غير أن بقية المجتمعين لم يستصوبوا رأيها، واقترحوا على السلطان أخذ الأمور باللين بعد أن شرحوا له الأخطار التي لا بدّ من وقوعها في حال تحولت الحركة إلى ثورة مسلحة في العاصمة، فوافق السلطان وجهة نظرهم، وقال بأنه يرضى بتحقيق مطالب المتظاهرين لمرة واحدة فقط.

وأصدر فرمانًا بتعيين خير الله أفندي شيخًا للإسلام، ولم يعين مدحت باشا صدرًا أعظم - كما كان يطالب من يتظاهر - بل أسند الصدارة العظمى إلى محمد رشدي باشا، وقد تفرق الاعتصام في أعقاب ذلك، قبل مرور أربع وعشرين ساعة على بدايته.

يذكر أن مدحت باشا كان قد نصح السلطان بالتنازل عن مبلغ خمسة ملايين ليرة عثمانية من ثروته الخاصة لإنفاقها على الإصلاحات الضرورية، والعزوف عن فكرة تولية ابنه يوسف عز الدين ولاية العهد، فلم يرضَ السلطان، وكان ذلك من مقدمات خلعه.

وتكتسب هذه الحادثة أهمية خاصة لكونها قد وقعت قبل حادثة الخلع بأربعين يومًا فقط.

الإصلاحات الداخلية

مجلة الأحكام العدلية

وصفت مجلة الأحكام العدلية بأنها "أبرز مؤلف قانوني إسلامي في تاريخ الإسلام"، وقد "دللت على ما لفقه الشريعة من مرونة وتقبل للمعاصرة وقابلية للتقنين"، ويمكن تشبيه المجلة بقانون الأحوال الشخصية أو القانون المدني حاليًا. ترأس اللجنة التي وضعت المجلة أحمد جودت باشا والذي استعان بعدد وافر من مشترعي ذلك العصر، وبعد عمل دؤوب دام سبعة أعوام انتهت اللجنة من وضع ستة عشر مجلدًا من القوانين المستنبطة من المذهب الحنفي، وصدرت عام 1867 لتنظيم مختلف أحوال الزواج والطلاق والإرث والبيع وغيرها، وشكلت أساسًا في تشريعات قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين في عدد من الدول كسوريا ولبنان والعراق ومصر، كما أنها لا تزال مطبقة حتى اليوم في قطاع غزة.

توحيد الأفلاق والبغدان

بموجب معاهدة باريس لعام 1856 فإن لكل من الأفلاق والبغدان إمارة وحكومة ومجلس نواب تحت سلطة الدولة العثمانية، وفي عام 1861 توحدت الإمارتين في إمارة واحدة بمآل العرش إلى الأمير جان ألكسندر الأول، وقد اعترف الباب العالي بهذا التوحيد رغم أنه يخالف اتفاق باريس، بحيث يكون لهما حكومة واحدة ومجلس نيابي واحد.

ومن الإصلاحيات الهامة التي وقعت خلال سلطنة عبد العزيز فيما يخصّ الأفلاق والبغدان، قرار الأمير جان ألكسندر الأول ومعه الحكومة ومجلس النواب بأن تكون الأوقاف ملكًا للحكومة وتقوم بتمويل الكنائس والأديرة منها، ما أدى إلى معارضة شديدة من بطريركية الآستانة، ومع تفاقم الخلاف عرض السلطان عبد العزيز في 14 سبتمبر 1863 مشروع اتفاق ينصّ على دفع مبلغ 840,000 ليرة ذهبية لبطريركية الآستانة تكون فائدة المبلغ السنوية بمثابة تعويض عما ستخسره من أملاك، وبعد طول مفاوضات بين الأطراف المتنازعة رفع المبلغ إلى 1,500,000 ليرة ذهبية باقتراح من السلطان، ثم أصدر فرمانًا يجيز به تصرفات حكومة الأفلاق والبغدان في 16 ديسمبر 1863، وكذلك مجلس النواب الروماني، وبذلك استقلت الكنيسة في رومانيا استقلالاً إداريًا وماليًا، وقد أرسى الأمير سلسلة إصلاحات أخرى بيد أنه لم يستشر مجلس النواب في سن القوانين واستحداث الضرائب، فضغط الشعب عليه للاستقالة فقدمها عام 1866، وانتخب الأهالي شارل دي هوهنزولرن من بروسيا أميرًا للبلاد فصدّق السلطان على الانتخاب.

فرمان الخديوية المصرية


الخديوي إسماعيل، أول خديوي لمصر.

كانت الدولة العثمانية قد اعترفت عام 1840 بمحمد علي واليًا على مصر وبأن تكون ولاية مصر محصورة بورثته، فرمان السلطان العثماني عبد المجيد الأول كان بضغط من دول الحلفاء إذ كان الباب العالي حينها يميل لخلع محمد علي من ولاية مصر برمتها ولذلك فإن فرمان منح مصر لمحمد علي وورثته جاء مقيدًا لتصرفاته من نواحي كثيرة كالجيش وعقد المعاهدات والإدارة المالية وغيرها.

وبنتيجة العلاقة المميزة بين السلطان عبد العزيز وإسماعيل باشا مذ أن زار إسطنبول بعيد توليته عام 1861، صدر خلال عهد السلطان عبد العزيز ثلاثة فرمانات متعلقة بمصر الأول أولها عام 1866 حصرت خلالها وراثة البلاد بأكبر أولاد إسماعيل باشا، والثاني في 7 يوليو 1867 منح بها حاكم مصر لقب "خديوي" المشتق من اللغة الفارسية بمعنى "أمير" إلا أنه لم يستعمل في الدولة العثمانية إلا لحاكم مصر كدلالة على رفعة موقعه، وأخيرًا صدر فرمان شامل في 10 يونيو 1873، نظم مختلف نواحي الامتيازات، فأعاد التأكيد أن أكبر أولاد خديوي مصر هو من يرث العرش، فإن لم يوجد فأكبر إخوته الذكور ثم أكبر أولاد إخوته، ليعاد حصر المنصب من جديد بأكبر أولاد الخديوي الجديد.

وأعلن في الفرمان ذاته عن إمكانية تعيين مجلس وصاية أو وصي على الخديوي إن كان قاصرًا، وحدد سن البلوغ بثمانية عشر سنة هجرية؛ كذلك فقد مُنحت مصر حكم سواكن ومصوع على البحر الأحمر، ومنحت حكومتها حق إصدار القوانين واللوائح التنفيذية لها حسب حاجة البلاد، وكذلك صلاحية سن الضرائب وتحديد الرسوم الجمركية واحتكار بعض أوجه التجارة وعقد المعاهدات الداخلية والخارجية، وسائر أوجه المعاملات المالية.

ومقابل ذلك، نصّ الفرمان أن الدولة العثمانية تحصل سنويًا على 150,000 كيس ليرات ذهبية، وفي عام 1875 منحت مصر أيضًا حكم زيلو.

وحين أراد الخديوي إسماعيل إبرام اتفاق شق قناة السويس بشروط مجحفة بحق المصريين - من ناحية أجور العمال وسيطرة الشركة على أراضي أطراف القناة وترعة مياه عذبة تشق من نهر النيل إلى القناة - رفض الباب العالي التصديق على الفرمان، وبعد أخذ ورد، اتفق على قبول مصر والشركة الفرنسية بشروط الباب العالي بشرط أن تدفع الحكومة المصرية 74 مليون فرنك للشركة المتعهدة تعويضًا عن خسائرها بتنفيذ شروط الباب العالي، وذلك بعد وساطة قام بها الإمبراطور نابليون الثالث.

امتيازات الولاية التونسية

تمتعت تونس على الدوام بنوع من الاستقلال الذاتي بسبب بعدها عن الآستانة عاصمة الدولة، ومنذ أن احتلت فرنسا الجزائر عام 1830، كانت تتوثب الفرصة لاحتلال تونس أيضًا.

في سبيل ذلك اقترح الصدر الأعظم محمد أمين عالي باشا على السلطان إصدار فرمان يقنن الحكم الذاتي لتونس، ويضيف عليه امتيازات أخرى بهدف تقوية عرى العلاقة معها وقطعًا للطريق أمام فرنسا، فصدر الفرمان في 24 أكتوبر 1871، ومن أبرز الامتيازات التي تم منحها: حصر ولاية العهد بورثة باي البلاد، والسماح للباي باستحداث المناصب والهيئات المدنية والعسكرية وفضّها وإدارتها كما يراه مناسبًا، وإصدار القوانين والتشريعات في بلاده "طبقًا لقواعد العدل"، واحتفظ السلطان لنفسه بالخطبة والسكة وببقاء الأعلام والسناجق والمراتب الحربية كما هي في سائر أنحاء الدولة، فضلاً عن إلزامية إرسال الجيش التونسي أيام الحرب للمشاركة في الدفاع عن الدولة، ومبلغ مالي يقتطع سنويًا. وعمومًا فإن بعد هذه الامتيازات بعشر سنوات، تحديدًا في مايو 1881 احتلت فرنسا تونس.

تعديل معاهدة باريس

في 1870 هزمت بروسيا وروسيا وألمانيا فرنسا، وطالبت الإمبراطورية الروسية في أعقاب ذلك تعديل معاهدة باريس التي عقدت في أعقاب حرب القرم بحيث تزال الشروط التي اعتبرت مجحفة في حق روسيا، ولمناسبة ذلك انعقد الحلفاء في ألمانيا يوم 13 مارس 1871 وأقرّوا منع السفن الحربية غير العثمانية من المرور من البوغاز مع وجود استثناء بحيث يمكن للسلطان تقديم رخصة للسفن الحربية في غير أحوال الحرب، كما س



This post first appeared on CAPTAIN TAREK DREAM, please read the originial post: here

Share the post

مصرع السلطان العثماني عبد العزيز الأول إغتيالا و ليس إنتحارا

×

Subscribe to Captain Tarek Dream

Get updates delivered right to your inbox!

Thank you for your subscription

×