Get Even More Visitors To Your Blog, Upgrade To A Business Listing >>

هوسمان – المخطط الذي حوّل باريس إلى واحدة من أجمل مدن العالم!

أعجمي أعجمي

كيف استطاع هوسمان إخراج باريس من أجواء القرون الوسطى لتصبح واحدة من المدن الأكثر جاذبية في العالم حتى يومنا هذا؟ “تطوير العاصمة لتصبح مدينة حديثة” هذه هي المهمة التي أوكلت لـ هوسمان من قبل نابوليون الثالث على مدى 17 عاماً بدعم غير محدود. فهل كانت النتيجة تستحق فعلاً كل تلك التكاليف والخسائر الجانبة؟

قبل بدء الورشة الواسعة التي أطلقها هوسمان بغرض تحويل باريس، لم يكن لدى المدينة مقومات العاصمة كما أنها لم تتمكن من إظهار سلطة نابوليون الثالث الواسعة. كان نابوليون الثالث مهووساً بتحويل باريس إلى مدينة جميلة ونظيفة حيث كان مسحوراً بلندن التي كانت منفاه قبل الوصول إلى السلطة. كانت لندن جميلة للغاية كما كانت نظيفة ومنظمة جيداً، في حين كانت باريس مثالاً عن مدن القرون الوسطى بأزقتها الضيقة والمليئة بالأوساخ ذات السمعة السيئة. لذا أراد نابوليون الثالث بصفته امبراطور الفرنسيين الإعلاء من شأن باريس بحيث تصبح كحد أدنى تضاهي لندن وقد ائتمن هوسمان لتنفيذ المهمة.

أهداف مشروع هوسمان

كانت أهداف المشروع الرسمية هي تجميل باريس وخلق حركة مواصلات سلسة للمارة والعربات وتسهيل الحركة التجارية كذلك تحسين الظروف البيئية من تهوية وتشميس وحركة مياه وصرف صحي. بالإضافة لذلك كان هناك بعض الأهداف غير الرسمية للمشروع، فقد أراد نابوليون الثالث تجنب حدوث أي ثورة أثناء حكمه. كانت قد تعاقبت عدة ثورات على فرنسا (1789، 1830، 1848) لذلك أراد الإمبراطور تقسيم النسيج العمراني الباريسي بشوارع عريضة وممتدة تؤمن عزلة المناطق وتقسيم التجمعات الكبيرة بهدف تمكين الحكم.

أبرز الإجراءات

خلال 18 عاماً، بين عامي 1853 و1870، قام هوسمان بإدارة فريق كامل مسؤول عن إحداث تغيير جذري في المشهد العمراني لمدينة باريس. وبدعم من نابوليون الثالث ووزير الداخلية بيريني، أحاط نفسه بفريق من أبرز العلماء والمعماريين والمصرفيين.

انقلبت المدينة رأساً على عقب -حرفياً ومجازياً- على يد مخططات البارون هوسمان. في البداية، بدء بتنظيف الشوارع حيث قام باستملاك العقارات وتعويض قاطنيها، ثم أخذ يهدم العديد من المباني. قام خلال هذه العملية بإزالة العديد من المباني أهمها السوق الباريسي (سوق البسطاء)، وفندق كوليني، وكذلك العديد من الكنائس والجادات والشوارع.

بدأ هوسمان بعد ذلك بتشكيل جادات عريضة قادرة على استيعاب حركة السير والنمو السكاني المستمران بالتضخم، كما أنه وهب المدينة رئتيها من خلال تنظيم حديقتي “غابة بولونيا” و”غابة فانسن”، وكذلك بنى سكة حديدية دائرية لتسهيل التنقل. كما أنه زاد عدد الجسور على نهر السين.

كانت الغاية من كل هذه الأعمال هي خلق طرق للتواصل والتبادل، وخلق بنية تحتية ترفع من قيمة كل من الحركة التجارية والحياة اليومية للسكان، وكذلك تحسن من مستوى النظافة، بما يدفع السكان للوصول إلى مستوى أرقى للحياة.

وضع هوسمان في مشروعه لباريس شبكة مجارير هائلة، حيث طور بمساعدة المهندس أوجين بيلغران منظومة مجارير مذهلة بمقاييس تلك الحقبة. في عام 1878 كان طول شبكة المجارير في باريس يبلغ حوالي 600 كيلومتر. كما يعود الفضل لهوسمان في تصميم حديقة مونسوري ومنتزه بوت شومون والوجه الحالي للشانزيليزيه والشوارع الكبيرة (البولفار)… الخ

قوس النصر
إقرأ أيضاً: معركة واترلو.

مصادر التمويل وتبعاتها

أثناء القيام بهذه الأعمال قام هوسمان بالاستفادة من ميزانيات هائلة كرسها لتنفيذ مشروعه، حيث اقترح كل من هوسمان وبيرسيني صيغة للتمويل تعتمد على إيرادات المدينة. أدت هذه الصفقة المالية في نهاية الأمر إلى إعفاء هوسمان، حيث سعى العديد من المشككين بالمشروع لإزاحة هوسمان نظراً لحجم وتكلفة المشروع.

ما أن ننظر للأرقام حتى نفهم لماذا حدث ذلك: عام 1852 وقبل البدء بأعمال هوسمان كانت باريس تحصد حوالي 52 مليون فرنك من الضرائب ليرتفع هذا الرقم إلى 232 مليون في عام 1869. تصل تكلفة مشروع هوسمان بالمجمل إلى حوالي 2.1 مليار. كما كان لابد من أخذ الناحية البشرية بعين الاعتبار فقد تم إخلاء العديد من المباني، الأمر الذي دفع السكان للتخلي عن حياتهم اليومية والتجارية مقابل تعويض بسيط. كذلك تمت إزالة مدن صغيرة بأكملها كانت تحيط بباريس ما كان له عدة تشعبات ونتائج سلبية.

champs-elysees

إقالة هوسمان

حتى عام 1867 لم تكن الأمور بغاية السوء إلى حين بدء الناس وبعض نواب البرلمان بالمطالبة بالمسائلة، حيث سئموا من ممارسات هوسمان المثيرة للشك والمستميتة لتنفيذ مشروعه. أدت النقاشات في البرلمان إلى وضع عمله تحت الرقابة رغم سعيه الدؤوب لتجنب ذلك. تماماً قبل سقوط الإمبراطورية، وفي حين كان يأمل بمنصب وزاري يمكّنه من توسيع أنشطته لتصبح على مستوى وطني، تمت إقالته من قبل رئيس الحكومة، إلا أن من خلفوه أتموا بناء ما خطط له.

تم إعفائه من مهامه بموجب مرسوم إمبراطوري في 5 كانون الثاني 1870. في نهاية الإمبراطورية الثانية كان هوسمان أحد أكثر الرجال إثارة للجدل في فرنسا حيث أدت تعديلاته على البيئة المعمارية والعمرانية إلى تغيير في العديد من العادات الاجتماعية، كما أنه ألقى الضوء على عدة مسائل حساسة كإعادة الهيكلية الجغرافية الباريسية.

بالرغم من الانتقادات الواسعة التي طالت أعمال هوسمان من تدمير مبانٍ تاريخية هامة وإنفاق ميزانيات هائلة، إلا أننا لا نستطيع إلا أن نعترف بلزوم هذه الأعمال للوصول إلى الواقع الحالي حيث تعتبر باريس واحدة من أجمل مدن العالم.

ترجم بتصرف من اللغة الفرنسية عن مقال في موقع francaisauthentique ومقال في موقع lepoint.

The post هوسمان – المخطط الذي حوّل باريس إلى واحدة من أجمل مدن العالم! appeared first on أعجمي.



This post first appeared on A3jami - أعجمي, please read the originial post: here

Share the post

هوسمان – المخطط الذي حوّل باريس إلى واحدة من أجمل مدن العالم!

×

Subscribe to A3jami - أعجمي

Get updates delivered right to your inbox!

Thank you for your subscription

×