Get Even More Visitors To Your Blog, Upgrade To A Business Listing >>

تفسير البغوي سورة الكهف المصحف الإلكتروني

سورة الكهف
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ( 1 ) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ( 2 )
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْـزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ) أثنى الله على نفسه بإنعامه على خلقه وخص رسوله صلى الله عليه وسلم بالذكر لأن إنـزال القرآن عليه كان نعمة عليه على الخصوص وعلى سائر الناس على العموم (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ) (قَيِّمًا ) فيه تقديم وتأخير معناه: أنـزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا « قيما » أي: مستقيما. قال ابن عباس: عدلا. وقال الفراء: قيما على الكتب كلها أي: مصدقا لها ناسخا لشرائعها.
وقال قتادة: ليس على التقديم والتأخير بل معناه: أنـزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ولكن جعله قيما ولم يكن مختلف على ما قال الله تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا (النساء- 82 ) .
وقيل: معناه لم يجعله مخلوقا وروي عن ابن عباس في قوله: قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ الزمر- 28 ) أي: غير مخلوق.
(لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا ) أي: لينذر ببأس شديد ( مِنْ لَدُنْهُ ) أي: من عنده (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ) أي: الجنة.
مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ( 3 ) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ( 4 )
( مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ) أي: مقيمين فيه. ( وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا

مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا ( 5 ) فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ( 6 ) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ( 7 ) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ( 8 ) أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ( 9 )
) . ( مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ ) أي: قالوه عن جهل لا عن علم ( كَبُرَتْ ) أي: عظمت ( كَلِمَةً ) نصب على التمييز يقال تقديره: كبرت الكلمة كلمة وقيل: من كلمة فحذف « من » فانتصب ( تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ) أي: تظهر من أفواههم ( إِنْ يَقُولُونَ ) ما يقولون ( إِلا كَذِبًا ) (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ ) من بعدهم ( إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ ) أي: القرآن ( أَسَفًا ) أي حزنا وقيل غضبا. (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا ) فإن قيل: أي: زينة في الحيات والعقارب والشياطين؟
قيل: فيها زينة على معنى أنها تدل على وحدانية الله تعالى.
وقال مجاهد: أراد به الرجال خاصة وهم زينة الأرض. وقيل: أراد بهم العلماء والصلحاء وقيل: الزينة بالنبات والأشجار والأنهار كما قال: حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ ( يونس- 24 ) .
( لِنَبْلُوَهُمْ ) لنختبرهم ( أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ) أي: أصلح عملا. وقيل: أيهم أترك للدنيا. (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ) فالصعيد وجه الأرض. وقيل: هو التراب « جرزا » يابسا أملس لا ينبت شيئا. يقال: جرزت الأرض إذا أكل نباتها. قوله تعالى: ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) يعني: أظننت يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا أي: هم عجب من آياتنا.
وقيل: معناه إنهم ليسوا بأعجب من آياتنا فإن ما خلقت من السموات والأرض وما فيهن من العجائب أعجب منهم.
و « الكهف » : هو الغار في الجبل واختلفوا في « الرقيم » : قال سعيد بن جبير: هو لوح كتب فيه أسماء أصحاب الكهف وقصصهم - وهذا أظهر الأقاويل- ثم وضعوه على باب الكهف وكان اللوح من رصاص وقيل: من حجارة فعلى هذا يكون الرقيم بمعنى المرقوم أي: المكتوب والرقم: الكتابة.
وحكى عن ابن عباس أنه اسم للوادي الذي فيه أصحاب الكهف وعلى هذا هو من رقمة الوادي وهو جانبه.
وقال كعب الأحبار: هو اسم للقرية التي خرج منها أصحاب الكهف.
وقيل: اسم للجبل الذي فيه الكهف .
إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ( 10 )
ثم ذكر الله قصة أصحاب الكهف فقال: ( إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ ) أي صاروا إليه واختلفوا في سبب مصيرهم إلى الكهف
فقال محمد بن إسحاق بن يسار: مرج أهل الإنجيل وعظمت فيهم الخطايا وطغت فيهم الملوك حتى عبدوا الأصنام وذبحوا للطواغيت وفيهم بقايا على دين المسيح متمسكين بعبادة الله وتوحيده فكان ممن فعل ذلك من ملوكهم ملك من الروم يقال له « دقيانوس » عبد الأصنام وذبح للطواغيت وقتل من خالفه وكان ينـزل قرى الروم ولا يترك في فدية نـزلها أحدا إلا فتنه حتى يعبد الأصنام ويذبح للطواغيت أو قتله حتى نـزل مدينة أصحاب الكهف وهي « أفسوس » فلما نـزلها كبر على أهل الإيمان فاستخفوا منه وهربوا في كل وجه وكان « دقيانوس » حين قدمها أمر أن يتبع أهل الإيمان فيجمعوا له واتخذ شرطا من الكفار من أهلها يتبعون أهل الإيمان في أماكنهم فيخرجونهم إلى « دقيانوس » فيخيرهم بين القتل وبين عبادة الأوثان والذبح للطواغيت فمنهم من يرغب في الحياة ومنهم من يأبى أن يعبد غير الله فيقتل فلما رأى ذلك أهل الشدة في الإيمان بالله جعلوا يسلمون أنفسهم للعذاب والقتل فيقتلون ويقطعون ثم يربط ما قطع من أجسامهم على سور المدينة من نواحيها وعلى كل باب من أبوابها حتى عظمت الفتنة فلما رأى ذلك الفتية حزنوا حزنا شديدا فقاموا واشتغلوا بالصلاة والصيام والصدقة والتسبيح والدعاء وكانوا من أشراف الروم وكانوا ثمانية نفر بكوا وتضرعوا إلى الله وجعلوا يقولون: ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا إن عبدنا غيره اكشف عن عبادك المؤمنين هذه الفتنة وارفع عنهم هذا البلاء حتى يعلنوا عبادتك فبينما هم على مثل ذلك وقد دخلوا في مصلى لهم أدركهم الشرط فوجدوهم وهم سجود على وجوههم يبكون ويتضرعون إلى الله فقالوا لهم: ما خلفكم عن أمر الملك؟ انطلقوا إليه ثم خرجوا فرفعوا أمرهم إلى « دقيانوس » فقالوا: تجمع الناس للذبح لآلهتك وهؤلاء الفتية من أهل بيتك يستهزؤون بك ويعصون أمرك! فلما سمع بذلك بعث إليهم فأتى بهم تفيض أعينهم من الدمع معفرة وجوههم بالتراب فقال لهم: ما منعكم أن تشهدوا الذبح لآلهتنا التي تعبد في الأرض وتجعلوا أنفسكم أسوة لسادات من أهل مدينتكم؟ اختاروا: إما أن تذبحوا لآلهتنا وإما أن أقتلكم. فقال مكسلمينا وهو أكبرهم: إن لنا إلها ملأ السموات والأرض عظمة لن ندعو من دونه إلها أبدا له الحمد والتكبير والتسبيح من أنفسنا خالصا أبدا إياه نعبد وإياه نسأل النجاة والخير فأما الطواغيت فلن نعبدها أبدا فاصنع بنا ما بدا لك وقال أصحاب مكسلمينا لدقيانوس مثل ما قال مكسلمينا فلما قالوا ذلك أمر فنـزع عنهم لبوسا كان عليهم من لبوس عظمائهم ثم قال: سأفرغ لكم فأنجز لكم ما أوعدتكم من العقوبة وما يمنعني أن أعجل ذلك لكم إلا أني أراكم شبانا حديثة أسنانكم فلا أحب أن أهلككم حتى أجعل لكم أجلا تذكرون فيه وتراجعون عقولكم ثم أمر بحلية كانت عليهم من ذهب وفضة فنـزعت عنهم ثم أمر بهم فأخرجوا من عنده.
وانطلق دقيانوس إلى مدينة سوى مدينتهم قريبا منهم لبعض أموره فلما رأى الفتية خروجه بادروا قدومه وخافوا إذا قدم مدينتهم أن يذكرهم [ وأن يعذبهم ] فائتمروا بينهم أن يأخذ كل رجل منهم نفقة من بيت أبيه فيتصدقوا منها ويتزودوا بما بقي ثم ينطلقوا إلى كهف قريب من المدينة في جبل يقال له بخلوس فيمكثون فيه ويعبدون الله حتى إذا جاء دقيانوس أتوه فقاموا بين يديه فيصنع بهم ما شاء فلما قال ذلك بعضهم لبعض عمد كل فتى منهم إلى بيت أبيه فأخذ نفقة فتصدق منها ثم انطلقوا بما بقي معهم واتبعهم كلب كان لهم حتى أتوا ذلك الكهف فلبثوا فيه.
قال كعب الأحبار: مروا بكلب فتبعهم فطردوه ففعل ذلك مرارا فقال لهم الكلب: يا قوم ما تريدون مني؟ لا تخشون جانبي أنا أحب أحباب الله فناموا حتى أحرسكم.
وقال ابن عباس: هربوا ليلا من دقيانوس وكانوا سبعة فمروا براع معه كلب فتبعهم على دينهم وتبعه كلبه فخرجوا من البلد إلى الكهف وهو قريب من البلد.
قال ابن إسحاق: فلبثوا فيه ليس لهم عمل إلا الصلاة والصيام والتسبيح والتكبير والتحميد ابتغاء وجه الله وجعلوا نفقتهم إلى فتى منهم يقال له: تمليخا فكان يبتاع لهم أرزاقهم من المدينة سرا وكان من أحملهم وأجلدهم وكان إذا دخل المدينة يضع ثيابا كانت عليه حسانا ويأخذ ثيابا كثياب المساكين الذين يستطعمون فيها ثم يأخذ ورقة فينطلق إلى المدينة فيشتري لهم طعاما وشرابا ويتجسس لهم الخبر هل ذكر هو وأصحابه بشيء ثم يرجع إلى أصحابه فلبثوا بذلك ما لبثوا ثم قدم دقيانوس المدينة فأمر عظماء أهلها فذبحوا للطواغيت ففزع من ذلك أهل الإيمان وكان تمليخا بالمدينة يشتري لأصحابه طعامهم فرجع إلى أصحابه وهو يبكي ومعه طعام قليل وأخبرهم أن الجبار قد دخل المدينة وأنهم قد ذكروا والتمسوا مع عظماء المدينة ففزعوا ووقعوا سجودا يدعون الله ويتضرعون إليه ويتعوذون من الفتنة ثم إن تمليخا قال لهم: يا إخوتاه ارفعوا رءوسكم واطعموا وتوكلوا على ربكم فرفعوا رءوسهم وأعينهم تفيض من الدمع فطعموا وذلك غروب الشمس ثم جلسوا يتحدثون ويتدارسون ويذكر بعضهم بعضا فبينما هم على ذلك إذ ضرب الله على آذانهم النوم في الكهف وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف فأصابه ما أصابهم وهم مؤمنون موقنون ونفقتهم عند رءوسهم.
فلما كان من الغد فقدهم دقيانوس فالتمسهم فلم يجدهم فقال لبعضهم: لقد ساءني شأن هؤلاء الفتية الذين ذهبوا لقد كانوا ظنوا أن بي غضبا عليهم لجهلهم ما جهلوا من أمري ما كنت لأحمل عليهم إن هم تابوا وعبدوا آلهتي فقال عظماء المدينة: ما أنت بحقيق أن ترحم قوما فجرة مردة عصاة قد كنت أجلت لهم أجلا ولو شاؤوا لرجعوا في ذلك الأجل ولكنهم لم يتوبوا فلما قالوا ذلك غضب غضبا شديدا ثم أرسل إلى آبائهم فأتى بهم فسألهم عنهم فقال: أخبروني عن أبنائكم المردة الذين عصوني [ ووعدهم بالقتل ] فقالوا له: أما نحن فلم نعصك فلم تقتلنا بقوم مردة قد ذهبوا بأموالنا فأهلكوها في أسواق المدينة ثم انطلقوا وارتقوا إلى جبل يدعى بخلوس؟ فلما قالوا له ذلك خلى سبيلهم وجعل لا يدري ما يصنع بالفتية فألقى الله في نفسه أن يأمر بالكهف فيسد عليهم وأراد الله أن يكرمهم ويجعلهم آية لأمة تستخلف من بعدهم وأن يبين لهم أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور فأمر دقيانوس بالكهف أن يسد عليهم وقال: دعوهم كما هم في الكهف يموتون جوعا وعطشا ويكون كهفهم الذي اختاروا قبرا لهم وهو يظن أنهم أيقاظ يعلمون ما يصنع بهم وقد توفى الله أرواحهم وفاة النوم وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف قد غشيهم ما غشيهم يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال.
ثم إن رجلين مؤمنين في بيت الملك دقيانوس يكتمان إيمانهما اسم أحدهما « يندروس » واسم الآخر « روناس » ائتمرا أن يكتبا شأن الفتية وأنسابهم وأسمائهم وخبرهم في لوح من رصاص ويجعلاهما في تابوت من نحاس ويجعلا التابوت في البنيان وقالا لعل الله أن يظهر على هؤلاء الفتية قوما مؤمنين قبل يوم القيامة فيعلم من فتح عنهم حين يقرأ هذا الكتاب [ خبرهم ] ففعلا وبنيا عليه فبقي


This post first appeared on Demande D’emploi - Offres D'emploi Et De Stages, please read the originial post: here

Share the post

تفسير البغوي سورة الكهف المصحف الإلكتروني

×

Subscribe to Demande D’emploi - Offres D'emploi Et De Stages

Get updates delivered right to your inbox!

Thank you for your subscription

×