أعجمي أعجمي

عندما نتحدث عن إيطاليا ، ففي الحقيقة لا يوجد نمط معيّن يمكن حصر هذا البلد به. فالناس من سيسيليا (صقلية) يحتاجون إلى مترجم لفهم لهجة أشخاص من فينيتو (فينيسيا). ومدينة نابولي مثلاً شديدة الاختلاف عن ميلانو، ولسان حال سكان (نيو تايريل) ” لماذا نحن هنا؟”

في إيطاليا، كل الطرق تؤدي إلى روما

بدايةً، إيطاليا هي ذلك البلد الذي يشبه الجزمة في قلب المتوسّط التي تسدد جزيرتين (صقلية و سردينيا)، تقع في أوروبا وتحدها فرنسا، سويسرا، النمسا، سلوفينيا من الشمال، وتتضمن دولتين تقعان داخل حدودها (الفاتيكان وسان مارينو) وهذا ما يجعل إيطاليا الدولة الأكثر تضمُّناً للبلدان داخل حدودها في العالم. جنوب أفريقيا كانت الأقرب لاقتسام هذه الميّزة ب (ليسوتو وساوزيلاند) قبل نشوء موزمبيق.

الدولة مقسمة إلى 20 منطقة أو محافظة، وعاصمتها روما، خمسة من المناطق لديها تشبه الحكم المستقل، (سردينيا، صقلية، ترينتوإلتو، أوستافالي، فريولي فانيتسيا جوليا)

أكبر المدن حسب الترتيب (روما، ميلانو، نابولي) وأكثر المطارات انشغالاً هي (مطار ليوناردو دافينشي فيموتشينو في روما، ميلان ميلابينسا)

بالإضافة للجزيرتين الكبار تحتوي إيطاليا على 350  جزيرة أخرى

الجدير بالذكر أن تاريخ إيطاليا الحديث شهد محاولات لإقامة مستعمرات خارج حدودها من نهاية القرن 19 لبداية القرن 20  ، في المناطق الممتدة من البلقان لشمال أفريقيا و القرن الأفريقي، متضمناً احتلال قصير لأثيوبيا لكن لم يستمر طويلا.ً

تحوي إيطاليا مواقع أثرية تراثية أكثر من أي بلد آخر، كلّنا نعرف فينيسيا على سبيل المثال.

الجغرافيا الطبيعية

جميعنا يعلم أن إيطاليا بلد جميل والجميع من كل أنحاء العالم يودّون زيارتها، لكن جمالها يأتي مع ثمن وقوعها بين عدة طبقات تكتونية جعلت جبالها ذات طبيعة بركانية، وذلك تسبّب بتشكيلات تضريسية خلّابة مثل :

1- جبال دولوميتيه

2- بحيرة غاردا (أكبر بحيرة في إيطاليا)

3- وادي أومبريا

4- تلال اوسكاني

وهذا يعني أن ايطاليا مقسومة تضريسياً  بسلسلة جبال ابونيني الى قسمين شرقي و غربي، مع حاجز جبلي شمال سلسلة الألب الشهيرة بتساقط الثلوج ومنها يجري نهر بو (أطول أنهار إيطاليا) الذي يمتد من حدود فرنسا وينتهي في البحر عند مدينة فينيسيا.

لكن إيطاليا أيضاً بلد بركاني، وحتى يومنا هذا هناك ما يقارب 30 بركان، 3 منها ما زالت نشطة (إيتنا، سترومبولي، وفيسوفيوس وهو الأشهر والمجاور لمدينة نابولي) وهذا يعني أنهم يعلمون بخطورة العيش هناك، لكن يبدو أن البيتزا شهيّة لدرجة أنها تجعلهم غير مكترثين بذلك.

وبالمناسبة، الكثير من أراضي إيطاليا صالحة للزراعة وهذا ينعكس على مطبخها المتنوع الذي يتبع لكل منطقة بأطباقها المشهورة، في الشمال على سبيل المثال تجد (البولينتا) (نيوكي) و(بيستو)، بينما مناطق الوسط تشتهر بالباستا (تأتي بتنوع كبير فوق 600 صنف) والأرضي الشوكي واللحوم بأنواعها والجيلاتو، وطبعاً أجود أنواع النبيذ في توسكانا، أما الجنوب يعتبر إمبراطورية البيتزا، ونابولي تمثل عاصمتها

إقرأ أيضاً على أعجمي : 24 بلدة سرية صغيرة في اوروبا عليك زيارتها.

اقتصادياً، إيطاليا تمتلك ثامن أقوى اقتصاد بالعالم (بناءً على الناتج المحلي للفرد) والرابع في أوروبا، وثامن أكبر بلد مُصدّر للمنتجات والصناعات التي تعد العمود الفقري للاقتصاد الإيطالي خصوصاً في منتجات الترف والرفاهية، أشهر الشركات العالمية الإيطالية (فيات، لامبورغيني، فيراري، مازاراتي، دوكاتي، بيريلي، أرماني، فيرزاتشي، دولتشي أند غابانا، غوتشي، وبرادا)، لذلك تجد هناك حسّ من الكياسة و “الكلاس” مقترن بالشخص كونه إيطالي، أيّ أنه مهما ساءت الأمور، سيكون من غير اللائق السير بحذاء غير نظيف ولامع.

إيطاليا ديموغرافياً

يبلغ عدد سكانها 61  مليون نسمة، وهي ثالث أكبر دولة من حيث عدد السكان في الاتحاد الأوروبي (بعد البريسكيت) و السادسة في أوروبا ككل، وصراحةً تحديد الجماعات العرقية بدقة في إيطاليا أمر صعب للغاية لأن إيطاليا متنوعة إثنياً أكثر مما تتصور، حوالي 92  % من السكان هم إيطاليين، رغم أن هذا المصطلح يحوي كما ذكرنا على اختلاف كبير كون الإيطاليين أنفسهم مختلفين بين منطقة وأخرى، 2% رومانيين، 1% شمال أفريقيين، والباقي من أصول عرقية مختلفة مثل (ألبانيا، أيريتيريا، الصين، أوكرانيا)، العملة الرسمية هي اليورو.

عند الحديث عن إيطالياً، نحن عمليّاً نتحدّث عن الشمال والجنوب.

الجنوبيون يسخرون من أشقائهم الشماليين بإطلاق لقب “بولينتوني” عليهم نسبةً للبولينتا التي يأكلونها، بسبب التفاوت الطبقي بين القطبين.

حيث أنّ الشمال هي منطقة المنشآت الصناعية والتحضر حيث تسكن الطبقة الراقية، بينما الجنوب منطقة الناس الأشداء الأقوياء، وكما جميعنا يعلم، المافيا.

طبعاً لا مجال للقلق إن رغبت بزيارتها لأن هذه الأمور مضى عليها زمن طويل، ما لم تبدأ حرب مافيا بنفسك حينها ينبغي عليك تحمل العواقب.

هناك العديد من اللهجات واللكنات في إيطاليا، في تيرول الجنوبية يتحدثون الألمانية (نوعاً ما)، أوستافالي تتحدث الفرنسية (أيضاً إلى حدٍّ ما)، وأساساً اللكنة الإيطالية المستخدمة حالياً هي اللهجة التوسكانية (القياسية)، التي هي لهجة متوسطة بين لهجة “الغالو-رومانسية” في الشمال، و”الإيتالو-دولماسية” في الجنوب.  ويعود هذا التنوع إلى أن البلاد كانت مقسومة ومجزأة إلى كثير من المملكات والولايات قبل الوحدة الإيطالية. لهذا السبب ظهر ما يسمى (لغة اليد الإيطالية) التي يشتهر بها الإيطاليين، لأنه ممكن أن تسافر 50 كم فقط لتجد نفسك غير قادرعلى فهم اللهجة المحكية، لذلك عندما تفشل الكلمات، الأيدي تنجح.

الكنيسة الكاثوليكية لعبت دوراً مهماً في التاريخ والحضارة الإيطالية. حالياً هناك كنيسة على الأقل في أي بلدة مهما بلغ صغرها.

تبلغ نسبة الكاثوليكيين 88% من السكان، رغم أن الثُلث منهم فقط يُعتبروا من الممارسين الأسبوعيين للديانة.

السبب الذي جعل لإيطاليا بصمة عالمية هي حملة الهجرة الواسعة التي حضرتها البلاد في نهاية القرن 18 وبداية القرن 19 التي بلغت ما يقارب 25 مليون مهاجر، لذلك تجد مجتمعات إيطالية في الكثير من الأماكن حلو العالم مثل البرازيل، الأرجنتين، أمريكا، بريطانيا، وفرنسا.

بعض المشاهير الإيطاليين أو ذوي الأصول الإيطالية

مايكل أنجيلو، ليوناردو دافينشي، دانتي اليغييري، ميكيافيليي، غاليليو، كريستوف كولومبوس، فيدريكو فيليني، ماركو بولو، لوتشيانو بافاروتي، اندريا بوتشيلي، صوفيا لورين، روبيرتو باجيو، سيلفيو بيرلسكوني، مونيكا بيلوتشي، إنزو فيراري، جيورجيو أرماني.

أمّا المشاهير الأمريكيين من أصول إيطالية هم كثر لكن أشهرهم:

فرانك سيناتر، روبيرتو دي نيرو، آل باتشينو، سيلفيستر ستالون، كوينتين تارانتينو، ليدي غاغا.

العلاقات الدولية

في العلاقة مع البلدان الأخرى، تبرز فرنسا كونها (الصديق-العدو،, فهم والإيطاليون يبتسمون في أوجه بعضهم ويلقون التحية لكن هناك تنافس مبطّن بينهم فيما يخص الرقي والحضارة، وأيضاً يكره الإيطاليين حقيقة أن الموناليزا موجودة في متحف اللوفر في فرنسا وليس في بلادهم، لكنهم رغم ذلك أواصر الصداقة والتعاون موجودة بين الشعبين.

الأرجنتين تمثل ما يشبه ابنة إيطاليا المُتبنّاة التي أرسلوها خارج البلاد إلى مدرسة اسبانية، العلاقات قوية وأصلاً 62,5  % من الأرجنتينيين هم من ذوي الأصول الإيطالية.

مالطا وسان مارينو هم البلدين الذين من الممكن اعتبارهم أبناء إيطاليا الصغار الذين تستمر إيطاليا بالعناية بهم (رغم أن سان مارينو أقدم من إيطاليا الموحدة)، يعجبهم كون مالطا تتحدث الإيطالية، وأن سان مارينو هي حدوة الحظ التي نأت بنفسها عن جميع النزاعات منذ القرن الرابع.

إقرأ أيضاً على أعجمي : عشرة من أجمل المدن في اليونان.

أمّا فيما يخص الصديق المفضل للشعب الإيطالي، فهم اليونانيين والاسبان!

جميعهم يعيشون تحت شعار (وجه واحد، عرق واحد)، ويمثلون الثالوث المتوسطي الأكبر، يحكمون البحر والتبادل التجاري، يتشاركون القصص، يشربون سوية، ويتزوجون بعضهم الآخر.

في النهاية، إيطاليا عبر التاريخ كانت علامة فارقة في الفن، الأدب، الموضة، العمارة، الدين، المطبخ، والرياضة وممثل هام في الحضارة العالمية.

ترجم بتصرّف من قناة Geography Now.

The post تعرفوا على إيطاليا – البلد الذي تؤدي فيه كل الطرق إلى روما appeared first on أعجمي.