Get Even More Visitors To Your Blog, Upgrade To A Business Listing >>

القضاء والقدر

القضاء والقدر





وصلنى السؤال التالى:
«سؤال: ليس بحثا عن الشبهات. وإنما هو رغبة فى الفهم. ما رأيك فى قوله تعالى «وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا».
كيف تستقبل هذه الآية الكريمة؟ وبأى عين تقرؤها؟ أنا مؤمنة بالله عز وجل، وبعدله وحكمته، ولكنى أحتاج أن أفهمها لأننى كلما قرأتها وقفت عندها متحيرة».

■ ■ ■
بالطبع أنا لا أعتبر نفسى ملجأ لأسئلة الحائرين. وبالتأكيد هناك دار الإفتاء المصرية، وهناك الأزهر الشريف أقدر منى- بما لا يُقاس- فى تبديد الشكوك وإزالة الملتبس. ولكنى مع ذلك سأجيب سؤال السائلة، بالضبط كما أرادت: «كيف أستقبل هذه الآية الكريمة حين أقرؤها! وبأى عين أراها؟»، هذا سؤال عادل، وجوابى هكذا:
السؤال- فى صميمه- يتحدث عن القضاء والقدر! وهو معضلة فكرية وشبهة عقلية ظهرت منذ عهد التابعين. وامتنع الأئمة عن الرد عليها باعتبارها فضولا غير حميد، فيما خاض علماء الكلام فى تفاصيلها. وخلاصة هذه الشبهة/ المعضلة ألم يكن الله القادر على كل شىء قادرا ألا يعصيه عاصٍ؟ ألم يكن- إن شاء- قادرا أن يطيع إبليس أمر السجود ولا يأكل آدم الثمرة المحرمة فيُطرد من الجنة؟ هل من شىء يحدث فى كون الله إلا بإذنه؟
■ ■ ■
للشيخ الشعراوى، رحمه الله، كلام لطيف فى هذه المسألة. وقد فرّق بين علم الله الكاشف المحيط الذى لا يُخطئ، وبين إجباره العبد على المعصية. والحقيقة أن الموضوع كله لم يشغلنى فى أية لحظة من حياتى، حتى فى نعومة أظافرى. لسبب بسيط أذكره لأنه- ربما- ينفع غيرى. وهو أننى أدرك فى كل لحظة أنه لا شىء يمنعنى- أو يمنعك- الآن من أن تتوضأ وتقرأ القرآن! لا شىء يمنعك من الصلاة فورا إن أردت! لا شىء يمنعك أن تضع يدك فى جيبك الآن- وأنت تقرأ مقالى- وتخرج صدقة لله تعالى!
هل فعلت يا عزيزى القارئ؟ إنك إذا أردت أن تفعل فلن يمنعك شىء. لن تتدخل قوة قاهرة تمنعك. وإنما هى نفسك التى تتكاسل عن الطاعة أو تشتهى المعصية أو تبخل بالمال. والحقيقة أننا نستخدم القضاء والقدر كوسيلة لتبرير الخطأ وإعفاء النفس من المسؤولية!
■ ■ ■
هذه هى القاعدة البديهية التى تحكمنى منذ الصبا وحتى الآن. أما بالنسبة لهذه الآية بالذات، فإننى أضمها إلى آيات كريمة أخرى، لأعرف القاعدة الكلية. أمثال: «ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ». وأضمها أيضا إلى «ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم» «ولا يرضى لعباده الكفر». وإلى «لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِى مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ. جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ. كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ. بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ. فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيل. ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا. وَهَلْ نُجَازِى إِلَّا الْكَفُورَ».
■ ■ ■
أما هذه الآية بالذات التى عرضتها السائلة (وإذا أردنا أن نهلك قرية)، فإننى أتلقاها بالخوف والهيبة، لا بالتساؤل والفضول. لقد أخبرنا الله عن ذاته العلية «اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم». وهذا هو موقف البأس لا موقف الرحمة. ونحن فى أيدى الخالق لا حيلة لنا إلا التضرع والرجاء. فما أقدره علينا! وما أحوجنا إليه! فعسى ألا تكون مصر من القرى التى حق عليها القول.
اللهم رحماك.


د. أيمن الجندى

المصدر: منتديات شات العنابي - من قسم: الشريعة الإسلامية


hgrqhx ,hgr]v



This post first appeared on , please read the originial post: here

Share the post

القضاء والقدر

×

Subscribe to

Get updates delivered right to your inbox!

Thank you for your subscription

×