Get Even More Visitors To Your Blog, Upgrade To A Business Listing >>

أخبار الإنترنت بين المصداقية والفرص الضائعة

لن تفلح مواقع الإنترنت الإخبارية العربية إذا استلهمت أسوأ الأساليب الغربية ومنظورها المشوه إلى الدول العربية، ولا إن انكفأت في ممارسات تبتعد عن المهنية الصحفية والنزاهة التامة.


ولم تنفع الإنترنت في حالات كثيرة في تسهيل وصول الناس إلى حقيقة الأخبار. فبعض من يتقن النقل إلى وعن وكالات الأنباء العالمية أصبح يرتكب ذات أخطائها التي تتلخص بقواعد غير مكتوبة تطبق بصرامة ضد كل ما هو مرتبط بالدول العربية وفلسطين ولبنان على سبيل المثال.

فكل خبر عن أي إنجاز عربي يتم تحقيقه ينطلق من مقدمات مسبقة تتحيز ضد العرب والمسلمين.

ومن يأتي في سياحة صحفية إلى المدن العربية يبقى مثقلا بأفكار مسبقة يعيد كتابتها من دون أن يكلف نفسه عناء التأكد منها بنفسه. يشير مثلا، أحد الصحافيين العرب إلى النشاط الصيفي في بيروت وشوراعها بقوله: “هذه الشوارع التي تنبض بالحيوية والمرح الصيفي هي ذاتها التي كانت حتى وقت قريب ملعبا لقناصة الحرب في مدينة بيروت”.

تخيلوا أنه حتى اليوم فإن الصورة التي يود أن يخلدها البعض عن مدينة بيروت هي قناصة وقتال الحرب الأهلية، علما أن إسرائيل قتلت خلال اجتياحها لبيروت 20 ألف لبناني وفلسطيني من دون أن يشار إلى ذلك الرقم في أي سياق مهم!

فهناك من يكتب متجاهلا الحقائق وسعيا وراء إرضاء مراكز في الغرب التي تراقب الإعلام العربي على الإنترنت عن كثب وبعيون كعيون النسر. أما التحيز في اختيار والتقاط الصور فله فنون إعلامية عديدة على الإنترنت.

فأي مصور محترف يبيع ما يلتقطه من صور لوكالات الأنباء عبر الإنترنت سيقدم مجموعة من الصور المختلفة تماما. وتأتي هنا مهمة محرر الصور لاختيار الصورة التي تتحيز لصالح توجهات كل موقع عالمي، سواء كان موقع ليبرالي أو موقع متشدد أو موقع محافظ إلخ.

فصور أي سياسي عربي أو أجنبي تخضع لعملية انتقاء واختيار دقيق فمن يتحيز ضده مسبقا من الصحفيين يسعى لاستخدام صورته متجهما، ومن يؤيده ينشر صوره بأفضل حالاته وأرق تعبيرات وجهه.

وكما هو الحال في الأفلام الغربية فعند سماع صوت المؤذن لا يراد منه التحبب به بل إرساء تمهيد للمتفرج الغربي إلى أن الأمور ستصبح خانقة جدا في اللحظات التالية، فالأحداث تقع في بلد مسلم، كما هو الحال في مئات الأفلام الغربية المتحاملة ضد العرب والتي تصور المئذنة أو تسجل صوت الأذان بأسلوب غير نظيف كليا.

فعندما حققت دبي خطوات متقدمة لتشييد أعلى برج في العالم، قام مصور بالتقاط صور له بعدسات تقدم أبعاد مخادعة، فالتقط صورة على بعد 2 كم، لتظهر مئذنة جامع وكأنها موازية وقريبة جدا لذلك البرج.

فالذي طلب منه أو اعتقد أنه مطلوب منه، هو صور تثير هلع الغرب المتحامل على إنجاز في بلد مسلم لتتحدث الصورة من زاوية “نحن” ضد “الآخر” التي رسخها سيء الصيت جورج بوش.

بالطبع ظهر الخبر في موقع إنترنت أمريكي معروف بتشدده وعنصريته ضد العرب والمسلمين وأثيرت شكوك حول صحة الصورة، فقام الموقع بتبديلها فورا لصورة أخرى للبرج مع محيطه الحقيقي.

وبالطبع يمكن فورا استخدام خدمات الإنترنت لمعاينة موقع البرج وما يحيط به، وهذا ما فعله القائمون على الموقع فأزالوا الصورة.

ومع انطلاق المزيد من المواقع العربية والتي يقدم بعضها خدمات إخبارية باللغة الإنكليزية، لا بد من الإشارة إلى قواعد باتت معروفة في تناول الغرب للشرق الأوسط وعلى القائمين على المواقع الإخبارية العربية أن لا يصبحوا ببغاء يكرر الأسلوب المتحيز نفسه دون أن يدركوا ذلك.

وسأعيد هنا ما نشره بعض أساتذة الإعلام الغربي على الإنترنت حول خلل التغطية الإعلامية الغربية للقضايا العربية.

فأول قاعدة يتبعها الإعلام الغربي هي تقديم الشرق الأوسط كما يراه الكيان الإسرائيلي، أي من منظار الكيان ووجهة نظره، فضلا عن التعامل مع تصريحات مسؤوليه وكأنها حقائق لا غبار عليها.

وفي الجانب المقابل، يجري تجاهل الحقائق التاريخية والحقائق القانونية والأخلاقية التي تترتب على الاحتلال الإسرائيلي، علما أن قرابة 80% من الشعب الأمريكي لم يسمع بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.

فأين هم رواد الإعلام العرب ليضطلعوا بدورهم في تقليص ذلك الرقم المفزع بدلا من الانشغال بلون ربطة العنق وتلميع صورهم وحساباتهم في البنوك؟

هناك أيضا إهمال تام وتجاهل للأخبار التي تنتقد الكيان الإسرائيلي وتسيء إليه. وهناك ميل معروف أيضا لخلط الأوراق لتمييع أي قضية جوهرية أو مسألة حرجة في الوقت الراهن، مع تبني المزاعم التي يقدمها الكيان الإسرائيلي دون أي تشكيك أو مساءلة لصحتها.

أما من جهة الفلسطينيين، يتولى الإعلام الغربي ومقلدوه لدينا إلى التشكيك بكل ما يقوله الجانب العربي والفلسطيني مهما يكن واضحا وجليا للعيان فالدفاع عن النفس هو إرهاب.

وعندما يأتي دور التنديد والاستنكار فكل ذلك يتوجه ضد الفلسطينيين والعرب ومطالبهم ودفاعهم هي عنف وإرهاب، أما المجازر الإسرائيلية وعمليات القتل التي يرتكبونها فهي “رد على اعتداء” أو “دفاع عن النفس” مع تشكيك وتكذيب حتى للإجماع الدولي الذي يدعم حقوق الفلسطينيين.

ولا يحق للعرب أو الفلسطينيين واللبنانين اختطاف أي إسرائيلي، ويحق لإسرائيل اختطاف واعتقال عشرات الآلاف حتى الأطفال دون محاكمة ولا أي حقوق تنسب زورا إلى الكيان الإسرائيلي فهناك كلمة سحرية هي الإرهاب أصبحت تكفي حتى في لندن لاستباحة كل الحقوق.

وعند ذكر أي منظمة عربية يكفي ربطها بدول خارجية تدعمها لكن لا يشار إلى الكيان على أنه دولة تتلقى دعما مطلقا من الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الأوروبية. وعلى عاتق جمهور الإنترنت تقع أيضا مسؤولية كبرى وهي ضرورة التوقف عن الركض وراء مواقع الإنترنت التي تقدم الإثارة على حساب الحقيقة في أخبارها. فصحافة الإنترنت لدينا أصبحت للأسف مهووسة بأعداد الزوار وحدها، لتختزل وتجند كل جهودها في سعي معيب وراء الأرقام فقط مهما تكن الوسيلة التي توصلهم لها.

فبدلا من إعادة تصنيع الجهل ونشر الشائعات بالأخبار السطحية المثيرة، يجب أن تعيد ترتيب أولوياتها لأن ذلك هو سبيلها الوحيد للنجاح على المدى الطويل.

فمنذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم أنتج للكيان الإسرائيلي قرابة 300 فيلم ما بين وثائقي وتاريخي وغيره، فكم فيلما أنتجنا نحن لقضايانا؟

ساهم فيلم واحد فقط لصالح الكيان الإسرائيلي، هو فيلم النزوح (إكسدوس Exodus)، في كسب تأييد الغالبية في الغرب والولايات المتحدة. قيل أنهم صناع السينما. حسنا، تعاد الحسابات في الغرب الآن عقب مجازر غزة وغيرها. فهل نعجز عن تأدية رسالة إعلامية ناجحة عبر الإنترنت؟

كانت أيام الإعلام العربي صعبة قبل الإنترنت لكن إن فاتتنا الفرصة الآن فتلك هي الطامة الكبرى

Share the post

أخبار الإنترنت بين المصداقية والفرص الضائعة

×

Subscribe to مدونة البرامج المتكاملة

Get updates delivered right to your inbox!

Thank you for your subscription

×