Get Even More Visitors To Your Blog, Upgrade To A Business Listing >>

قصة العلم والإيمان

تتقدم القافلة ببطء بين أشجار الغابة عند سفح الجبل، وتتصاعد أصوات بكاء الصغار وشكواهم من حرارة الظهيرة والحركة الرتيبة على ظهور الدواب. تخفق أجنحة طيور الحجل وتتوجس السحالي وتدير عيونها وينكسر الهدوء ليقضي على ما تبقى من جلد الكبار فيصبون غضبهم على النسوة وما شرد من القطعان.
ينتفض الكاهن في تلك الأثناء ويتوقف عن التقدم (أوقفه غصن شجرة علق بثوبه)، يرفع دراعيه وينخرط في حركات أقرب إلى المسرح منه إلى ما نواه من طقوس، ويصيح:
- إشارة من السماء!
يعم القافلة الهدوء ويتابع الجميع اقتراب الحاكم الذي أخذ كل وقته مستمتعا بالسكينة وبفكرة أن الجميع ينتظر حكمه. جال ببصره بين البئر والكهف وخصوبة الأرض ثم ابتسم:
- ظل بارد كريم وأرض طيبة. سنبيت هنا الليلة. ثم شرعت عيناه في البحث عن وجه:
- ما رأي عالمنا؟
رفع الشاب حاجبيه وقلب شفتيه في تعبير عن تردده أو عدم رضاه على التأخر في استشارته ورد:
- لا أعرف.. والصخرة الكبيرة في الأعلى؟ سأعود إلى أوراقي وأتسلق الجبل.
ضحك الصغار وتفرقهم لاكتشاف المنطقة وأصوات البهائم التي عبرت عن عطشها لم يمنع سمع الشاب عن التقاط تعليق الكاهن الغاضب:
- أحدثه عن السماء فيحدثنا عن كتبه.
- أتمنى - رد العالم- أن تعيش بعد أن تبيدكم الصخرة عند سقوطها لتشكر سماءك.
في الليل، والنار تتوسط قادة القبيلة أخرج الشاب كيسا يحوي ترابا وبسط أوراقه. واحتد نقاش تسقط ولن تسقط.
تزامنت تلك الفترة من تاريخ القبيلة بعودة الشاب من رحلة تعلم طويلة قادته إلى بلدان أخرى، عاد بعدها وقد طال شعره حتى تجاوز كتفيه على عكس الرؤوس الحليقة للقوم، وعاد يلبس السراويل بدل البرنس. وتفجرت رهانات قوية كادت تقسم القبيلة بينه وبين الكاهن انتصر رأيه في أغلبها:
عاش بفضله المواليد الجدد من الناس والقطعان، وعاش المصابون باللدغات والأمراض. وانسحب الكثير من صبيان القرية من حلقة الكاهن ليلتحقوا بدروس الشاب. أما الرهان الجديد فكان أجل سنة كاملة، يترك أحدهما القبيلة في حالة سقوط الصخرة أو ثباتها.
مر شهر وشهران وثلاثة وأربعة ولم تسقط، ولم تسقط الصخرة بعد انقضاء الأجل. سقطت في الواقع صخور أقل بكثير منها حجما وقتلت العشرات من أفراد القبيلة والكثير من الدواب.. لكن الجميع وبتأثير من تعاظم سلطة الكاهن طالبوا الشاب بالرحيل ولم يفعل.
واستيقظ الشاب ذات ليلة على وقع جلبة وأضواء تقترب من خيمته. ضربوه وحلقوا شعره وعروه، ووجهوا إليه تهمة لعنة السماء المتمثلة في الصخور الصغيرة. وزعم الشهود أنهم رأوه يدفع الصخرة الكبيرة.


This post first appeared on مدونة أكتب, please read the originial post: here

Share the post

قصة العلم والإيمان

×

Subscribe to مدونة أكتب

Get updates delivered right to your inbox!

Thank you for your subscription

×